أولًا: أقوال بعض الصحابة والتابعين في اسم الله (الجبار):
1- قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه: جبار القلوب على فطرتها شقيها وسعيدها. [التوحيد ومعرفة أسماء الله عز وجل وصفاته على الاتفاق والتفرد لابن منده، 2/74].
2- قال ابن عباس -رضي الله عنهما- {الجبار}: العظيم، الغالب على عباده. [تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، ينسب: لعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - (المتوفى: 68هـ)، 1/466].
3- قال أبو هريرة والحسن وقتادة: {الجبار}: جبر خلقه على ما يشاء. [تفسير الطبري 23/304].
قال محمد بن كعب: «إنما يسمى الجبار لأنه يجبر الخلق على ما أراد». [الأسماء والصفات للبيهقي 1/89 رقم 48].
4- قال واصل بن عطاء: أنه الذي يجبر فاقة عباده. [تفسير الماوردي 5/514].
ثانيًا: أقوال بعض المفسرين في تفسير اسم الله (الجبار):
1- قال الطبري: {الجبار}: يعني: المصلح أمور خلقه، المصرّفهم فيما فيه صلاحهم. وكان قتادة يقول: جبر خلقه على ما يشاء من أمره. [تفسير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، 23/304].
2- قال الزجاج: {الجبار}: تأويله الذي جبر الخلق على ما أراده من أمْرِه. [معاني القرآن وإعرابه، إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج (المتوفى: 311هـ)، 5/151].
3- قال السمرقندي: {الجبار}: يعني: القاهر لخلقه على ما أراده، ويقال: الغالب على خلقه ومعناهما واحد. [بحر العلوم، أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى: 373هـ، 3/433].
4- قال مكي بن أبي طالب: {الجبار}: الذي يجبر خلقه على ما يشاء من " أجبر "، وهذا قول مردود، لأن " فعالاً " لا يكون من " أفعل " ولكنه من " جَبَرَ الله خلْقَه: إذا نَعَشَهُم ". وقيل: هو من جبرت العظم: فجبر، وقيل: هو من من تجبر النخل: إذا علا وفات اليد. [الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه، أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ)، 11/7410 – 7411].
5- قال الماوردي: {الجبار فيه أربعة أوجه: أحدها: معناه العالي العظيم الشأن في القدرة والسلطان. الثاني: الذي جبر خلقه على ما شاء، قاله أبو هريرة، والحسن، وقتادة. الثالث: أنه الذي يجبر فاقة عباده، قاله واصل بن عطاء. الرابع: أنه الذي يذل له من دونه. [تفسير الماوردي - النكت والعيون، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ)، 5/514].
6- قال الراغب الأصفهاني: {الرحمن}: فليس يطلق إلا لله كلفظة الله، فإنهما اسمان اختص بهما الباري جل وعز باتفاق. (تفسير الراغب الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (المتوفى: 502هـ)، 1/50).
7- قال البغوي: {الجبار}: قال ابن عباس: "الجبار" هو العظيم، وجبروت الله عظمته، وهو على هذا القول صفة ذات الله، وقيل: هو من الجبر وهو الإصلاح يقال: جبرت الأمر، وجبرت العظم إذا أصلحته بعد الكسر، فهو يغني الفقير ويصلح الكسير. وقال السدي ومقاتل: هو الذي يقهر الناس ويجبرهم على ما أراد. وسئل بعضهم عن معنى الجبار فقال: هو القهار الذي إذا أراد أمرا فعله لا يحجزه عنه حاجز. [معالم التنزيل في تفسير القرآن - تفسير البغوي، محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ)، 8/87].
8- قال فخر الدين الرازي: {الجبار}: ففيه وجوه:
أحدها: أنه فعال من جبر إذا أغنى الفقير، وأصلح الكسير. قال الأزهري: وهو لعمري جابر كل كسير وفقير، وهو جابر دينه الذي ارتضاه، قال العجاج:«قد جبر الدين الإله فجبر» .
والثاني: أن يكون الجبار من جبره على كذا إذا أكرهه على ما أراده، قال السدي: إنه الذي يقهر الناس ويجبرهم على ما أراده، قال الأزهري: هي لغة تميم، وكثير من الحجازيين يقولونها، وكان الشافعي يقول:
جبره السلطان على كذا بغير ألف. وجعل الفراء الجبار بهذا معنى/ من أجبره، وهي اللغة المعروفة في الإكراه، فقال: لم أسمع فعالا من أفعل إلا في حرفين، وهما جبار من أجبر، ودراك من أدرك، وعلى هذا القول الجبار هو القهار.
الثالث: قال ابن الأنباري: الجبار في صفة الله الذي لا ينال، ومنه قيل للنخلة التي فاتت يد المتناول: جبارة الرابع: قال ابن عباس: الجبار، هو الملك العظيم، قال الواحدي: هذا الذي ذكرناه من معاني الجبار في صفة الله، وللجبار معان في صفة الخلق أحدها: المسلط كقوله: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ [ق: 45] ، والثاني: العظيم الجسم كقوله: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ [المائدة: 22] والثالث: المتمرد عن عبادة الله، كقوله: وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً [مريم: 32] ، «والرابع: القتال كقوله: بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ [الشعراء: 130]، وقوله: إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ [القصص: 19] . [مفاتيح الغيب - التفسير الكبير، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى: 606هـ)، 29/514].
9- قال القرطبي: {الجبار}: قال ابن عباس: هو العظيم. وجبروت الله عظمته. وهو على هذا القول صفة ذات، من قولهم: نخلة جبارة. قال امرؤ القيس:
سَوَامِقُ جَبَّارٍ أَثِيثٌ فُرُوعُهُ ... وَعَالِينَ قِنْوَانًا مِنَ الْبُسْرِ أَحْمَرَا
يعني النخلة التي فاتت اليد. فكان هذا الاسم يدل على عظمة الله وتقديسه عن أن تناله النقائص وصفات الحدث. وقيل: هو من الجبر وهو الإصلاح، يقال: جبرت العظم فجبر، إذا أصلحته بعد الكسر، فهو فعال من جبر إذا أصلح الكسير وأغنى الفقير. وقال الفراء: هو من أجبره على الأمر أي قهره. قال: ولم أسمع فعالا من أفعل إلا في جبار ودراك من أدرك. وقيل: الجبار الذي لا تطاق سطوته. [الجامع لأحكام القرآن - تفسير القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)، 18/47].
10- قال البيضاوي: {الجبار}: الذي جبر خلقه على ما أراده، أو جبر حالهم بمعنى أصلحه. [أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي (المتوفى: 685هـ)، 5/203].
11- قال السمين الحلبي: {الجبار}: استدل به من يقول: إن أمثلة المبالغة تأتي من المزيد على الثلاثة، فإنه من أجبره على كذا، أي: قهره. قال الفراء: «ولم أسمع فعالا من أفعل إلا في جبار ودراك من أدرك» انتهى. واستدرك عليه: أسأر فهو سأر. وقيل: هو من الجبر وهو الإصلاح. وقيل: من قولهم نخلة جبارة، إذ لم تنلها الجناة. قال امرؤ القيس:
سَوامِقُ جَبَّارٍ أثيثٍ فُروعُه ... وعالَيْنَ قِنْواناً مِن البُسْر أَحْمرا [الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (المتوفى: 756هـ)، 10/293].
12- قال ابن كثير: {الجبار}: أي: الذي لا تليق الجبرية إلا له، ولا التكبر إلا لعظمته، كما تقدم في الصحيح: "العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدا منهما عذبته". وقال قتادة: الجبار: الذي جبر خلقه على ما يشاء.
وقال ابن جرير: الجبار: المصلح أمور خلقه، المتصرف فيهم بما فيه صلاحهم. [تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، 8/80].
13- قال الثعالبي: {الجبار}: هو الذي لا يدانيه شيء، ولا تلحق رتبته، قال الفخر: وفي اسمه تعالى:
الجبار وجوه:
أحدها: أنه فعال من جبر إذا أغنى الفقير وجبر الكسير.
والثاني: أن يكون الجبار من جبره إذا أكرهه قال الأزهري: وهي لغة تميم، وكثير من الحجازيين يقولونها بغير ألف في الإكراه، وكان الشافعي رحمه الله يقول: جبره السلطان على كذا بغير ألف، وجعل الفراء الجبار بهذا المعنى من أجبر بالألف، وهي اللغة المعروفة في الإكراه. [الجواهر الحسان في تفسير القرآن، أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي (المتوفى: 875هـ)، 5/414].
14- قال جلال المحلي وجلال السيوطي: {الجبار}: جبر خلقه على ما أراد. [تفسير الجلالين، جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (المتوفى: 864هـ) وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (المتوفى: 911هـ)، 1/734].
15- قال أبو السعود: {الجبار}: الذي جبر خلقه على ما أراد أو جبر أحوالهم أي أصلحها. [تفسير أبي السعود - إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، أبو السعود العمادي محمد بن محمد بن مصطفى (المتوفى: 982هـ)، 8/234].
16- قال الآلوسي: {الجبار}: الذي جبر خلقه على ما أراد وقسرهم عليه: ويقال في فعله: أجبر، وأمثلة المبالغة تصاغ من غير الثلاثي لكن بقلة، وقيل: إنه من جبره بمعنى أصلحه، ومنه جبرت العظم فانجبر فهو الذي جبر أحوال خلقه أي أصلحها، وقيل: هو المنيع الذي لا ينال يقال للنخلة إذا طالت وقصرت عنها الأيدي: جبارة، وقيل: هو الذي لا ينافس في فعله ولا يطالب بعلة ولا يحجر عليه في مقدوره.
وقال ابن عباس: هو العظيم، وقيل: غير ذلك. [روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (المتوفى: 1270هـ)، 14/256 – 257].
ثالثًا: أقوال بعض أهل العقيدة في اسم الله (الجبار):
- قال ابن القيم: قال ابن عباس في قوله تعالى: {الجبار المتكبر} هو العظيم وجبروت الله عظمته والجبار من أسماء الملوك والجبر الملك والجبابرة الملوك قال الشاعر:
وأنعم صباحا أيها الجبر
أي أيها الملك وقال السدي: "هو الذي يجبر الناس ويقهرهم على ما يريد وعلى هذا فالجبار معناه القهار وقال محمد بن كعب: "إنما سمي الجبار لأنه جبر الخلق على ما أراد والخلق أدق شأنا من أن يعصوا ربهم طرفة عين إلا بمشيئته" قال الزجاج: "الجبار الذي جبر الخلق على ما أراد" وقال ابن الأنباري: "الجبار في صفة الرب سبحانه الذي لا ينال" ومنه قولهم نخلة جبارة إذا فاتت يد المتناول فالجبار في صفة الرب سبحانه ترجع إلى ثلاثة معان الملك والقهر والعلو فإن النخلة إذا طالت وارتفعت وفاتت الأيدي سميت جبارة ولهذا جعل سبحانه اسمه الجبار مقرونا بالعزيز والمتكبر وكل واحد من هذه الأسماء الثلاثة تضمن الاسمين الآخرين وهذه الأسماء الثلاثة نظير الأسماء الثلاثة وهي الخالق البارئ المصور فالجبار المتكبر يجريان مجرى التفصيل لمعنى اسم العزيز كما أن البارئ المصور تفصيل لمعنى اسم الخالق فالجبار من أوصافه يرجع إلى كمال القدرة والعزة والملك ولهذا كان من أسمائه الحسنى وأما المخلوق فاتصافه بالجبار ذم له ونقص كما قال تعالى: {كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} وقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {وما أنت عليهم بجبار} أي مسلط تقهرهم وتكرههم على الإيمان وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة أمثال الذر يطأهم الناس". [شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)، 1/121].